الثلاثاء، 9 أبريل 2013

الصداقة هي الأسلوب الأمثل لتربية الأبناء



الصداقة هي الأسلوب الأمثل لتربية الأبناء





ليس كل أب وأم صالحان لتربية أبنائهما، فتارة نجد أبوين يجعلان الهدايا والمال الكثير عماد تربيتهما لأولادهما، وآخرَين نجد العنف عندهما لسان التفاهم، لتتوه الصداقة ولغة الحوار وسط زحام المال والقسوة.

 يرى الدكتور حسنين كشك خبير الاجتماع بالمركز القومي للبحوث الجنائية والاجتماعية أنه لا يمكن القول إن الصداقة اختفت من البيوت، ولكنها تختلف من طبقة إلى أخرى، ‏فمازال هناك آباء يحاولون بناء صداقة مع الأبناء ولكن فكرة الصداقة ليست مطروحة أساسا عند الأغلبية‏، ‏ بالإضافة إلى أن التغيرات التي حدثت في المجتمع خلال الخمسة والعشرين عاما الماضية، لها دخل كبير في انعدام الصداقة بين الآباء والأبناء.

ظروف الحياة

  موضحاً أن عدم وجود الأب معظم الوقت لسعيه وراء زيادة الدخل وأحيانا لسفره للعمل بالخارج يجعله لا يرى أبناءه إلا شهرا واحدا في السنة؛ مما يعوق فكرة الصداقة حيث يصبح الأب مجرد صانع نقود، أو بنكا متنقلا، كذلك غياب الحوار الديمقراطي وهي الظاهرة التي عانى منها المجتمع على جميع المستويات في فترات ماضية مما انعكس أيضا على الأسرة‏، ‏ لكن هناك بالطبع بعض الحالات الاستثنائية حيث تحاول بعض الأسر بناء صداقات مع أبنائها‏. .

سياسة الاستبداد

ويؤكد الدكتور حسنين كشك، أن وجود مشكلة دائمة بين الآباء والأبناء في كل مكان وزمان يطلق عليها صراع الأجيال‏، ‏فكل جيل له مفاهيم وأفكار مختلفة عن الآخر‏،‏ بالإضافة إلى أن الثقافة السائدة في مجتمعنا تروج لهيمنة السلطة الذكورية مما يعوق صداقة الأب‏، ‏فهو دائما مستبد يليه الابن الأكبر الذي يكون مستبدا بأخوته، حتى إن كانت له أخت أكبر منه والشيء نفسه بالنسبة للأم التي تستبد بقراراتها في التعامل مع الأبناء‏،‏ إذاً المجتمع يعاني من أسلوب خاطئ في التنشئة‏، ‏كما أن التعليم لدينا يقوم على التلقين لا على الحوار الذي يعد من أهم الطرق لبناء الصداقة، وأحد أشكال الديمقراطية التي يحاول الوصول إليها‏.‏ .

كلمة مهزوزة

أما الدكتور يحيى الرخاوي أستاذ الطب النفسي بكلية الطب جامعة القاهرة، فيرى أن كلمة صداقة أصبحت كلمة مهزوزة حتى بين الكبار‏،‏ ولكي تنمو صداقة بين الأبناء والآباء لابد من توافر ثلاثة أمور أولا‏:‏ الوقت‏، ‏ثانيا‏:‏ مساحة للتحرك معا، وثالثا‏:‏ المشاركة الحقيقية بعيدا عن النصائح والأوامر، والمسألة ليست مسألة شعار اسمه الصداقة أو إعلان من جانب الأب أنا صاحبك يابني دون أي إجراء لإرساء الثقة أو سلوك يساعد على ازدهار الصداقة، كأن يذهب أفراد الأسرة جميعا أسبوعيا لحديقة عامة بدلا من مكوثهم في مكان مغلق أمام شاشة التليفزيون وهم صامتون دون أن يتبادلوا كلمة واحدة‏.‏.

 ويتابع دكتور الرخاوي قائلاً‏:‏ لابد للوالدين أن يحاولا طول الوقت بناء صداقة مع الأبناء وإعادة المحاولة لأن اكتساب ثقة الأبناء لا يأتي بإعلان الرغبة في الصداقة وإنما بالممارسة‏، ولا يأتي في يوم وليلة بل بالمحاولة المتكررة للاستحواذ على ثقة الأبناء، ‏وهذه الثقة لا يمكن أن يمنحها الأبناء الذين يشعرون أن آباءهم يستهترون بهم ويستخفون بعقولهم ولا يستمعون لآرائهم ولا يفهمون احتياجاتهم.

ويؤكد أستاذ الطب النفسي‏ أنه لا توجد قواعد ثابتة في العلاقات البشرية إلا الصدق والاستمرار وتصحيح الأخطاء أولا بأول من خلال الممارسة‏، ‏أما مقولة أن البنت تصادق أمها والولد يصادق أباه فهي مقولة ليست صحيحة، والأب يمكن أن يصادق ابنته كما يصادق ابنه على حد سواء، وكذلك الأم اللهم إلا في بعض الأمور شديدة الخصوصية‏.

المال لا يعني الحنان

إغداق الأطفال بالهدايا الوفيرة والمال الكثير لا يعتبر دليلاً على حب الآباء أطفالهم، حيث أشارت الدراسات التربوية إلى أن 75% من الأطفال لا يحصلون على الرعاية الكافية من الأبوين، وترجع الهيئات الاجتماعية الأمراض النفسية والميول العدوانية والفشل في الدراسة لدى الأطفال إلى عدم وجود من يستمع إليهم.

لذا يؤكد “يعقوب الشاروني” الحائز على جائزة أفضل كاتب للأطفال، وصاحب سلسلة “كيف نربي أطفالاً؟” أهمية الحوار مع الأطفال وكيفية تنمية ذكائهم من خلال ذلك وفي دراسة من إعداده أثبت أن “ثلث الأطفال فقط يحصلون على الرعاية الكافية من الأبوين، علماً أن نمو عقل الطفل يعتمد على ثلاثة عناصر أساسية تتمثل في: 

‘‘تزويده بالخبرات الحسية المتنوعة الغنية في كل لحظة من حياته، والتشجيع، والمشاركة”.

ومعلوم أن الحديث إلى الطفل ضروري لتنمية عقله وذكائه، إذ لا يكفي تعريض حواس الطفل إلى خبرات كثيرة متنوعة بل على الحاضن أو الحاضنة أن تتحدث مع الطفل بصفة مستمرة عما يراه أو يسمعه أو يلمسه أو يشمه أو يتذوقه. وإذا لم يتم هذا الحديث ويتنامى، فلن يحصل الطفل على حقه في الاستماع إليه من الراشدين، فسيصاب بالأمراض النفسية والفشل الدراسي والميول العدوانية.

وقت المناقشة

 ولأن الأسلوب الأصح في التربية هو الحوار لا الدلال يفيد دكتور محمد حسيب الدفراوي أستاذ علم نفس الأطفال والمراهقين ورئيس وحدة الطب النفسي بجامعة قناة السويس، بأن بناء صداقة مع الأبناء يتطلب أن نمنحهم الوقت الكافي للمناقشة والحوار، ونستمع إليهم أكثر مما نتكلم‏، ‏ بالإضافة إلى تقديم المساعدة والعون والخبرة والاستمتاع برفقتهم مع عدم التدخل في تفاصيل حياتهم واحترام منهجهم في الحياة.

ويقدم دكتور دفراوي عددا من النصائح للآباء حتى يمهدوا الطريق لبناء صداقة قوية مع الأبناء وهي‏:‏:

  1. منح الأبناء الشعور بالأمان مع السماح لهم بالاستقلالية‏.‏
  2. تشجيعهم على المشاركة والتعاون والتدخل في شتى شؤون المنزل والأسرة‏.‏
  3.  مساعدتهم على تكوين صداقات وتنمية مواهبهم الفنية بالإضافة إلى المواهب الرياضية‏.‏
  4. حثهم على التعامل مع غضبهم والمعوقات التي تواجههم والتحكم في رغباتهم والشعور بالفخر بإمكانياتهم الشخصية‏.‏
  5.  تشجيعهم على التحلي بالقيم والمبادئ ومساعدتهم على تطوير مظهرهم وشخصيتهم أمام أنفسهم وأسرهم والمجتمع‏.‏
  6. مدهم بالأساليب التي تساعدهم على التغلب على مخاوفهم ووضع طموحاتهم المستقبلية في إطار واقعي، مع محاولة تطوير مهاراتهم الشخصية والتعليمية‏.‏
  7.  تعليمهم كيفية حل المشاكل وكيفية التعامل مع الأماني والأحلام المستقبلية‏.‏
  8. مساعدتهم على تطوير بعض الطرق للتعامل مع المواقف المحزنة والمناخ السيئ المحيط بهم، مع إعطائهم بعض الأمثلة الحية‏.‏
  9. إرساء علاقات ثابتة قوية مع أفراد العائلة والجيران‏.‏
  10. وأخيرا مساعدتهم على الاستمتاع بكل لحظات الحياة‏.


مأزق المراهقة

يؤكد علماء النفس والاجتماع أن صداقة الأبوين للأبناء تساعد الأبناء على عبور مأزق المراهقة بسلام، لذا ينصحون الأم خاصة بالتحلي بالصبر في التعامل مع ابنتها المراهقة عندما تبلغ طفلتها الثانية عشرة من عمرها، وأن تقيم معها علاقة أساسها الاحترام والتشجيع والإصغاء إليها فترة أطول لاحتوائها‏.‏

لذا يفضل عزيزتي الأم أن تحرصي على إعطاء ابنتك المراهقة دروسا في الحياة من خلال خبراتك المختلفة، وبصورة غير مباشرة أثناء التسوق وطهو الطعام وخاصة أثناء تناول الوجبات، واعلمي جيدا أن كثرة الإطراء والمدح على فتاتك المراهقة يدعم ثقتها بنفسها ويجعلها أكثر ثباتا في مواجهة الحياة وتقلباتها، كما أن الإصغاء الجيد لها والتعليق على أدائها يجب أن يأتي بعيدا عن الشدة، وتذكري جيدا أن الاستماع لها لا يعني بالضرورة الموافقة على آرائها‏.‏

*‏ تجنب النقد، فغالبا ما يظهر تحدي المراهقات للكبار في أسلوب ونمط ملابسهن وتسريحات شعرهن المبتكرة والغريبة؛ مما يسبب حالة استفزاز للأبوين.‏

ويؤكد خبراء النفس أن حالة التمرد مظهر من مظاهر المراهقة يعطيها الاحساس بالاستقلالية والشعور أنها كبرت، لذا يجب تجنب نقد مظهرها إذا كان لا يخرج عن المألوف‏.‏ في النهاية ينصحك الخبراء:

الحيادية في التفكير إذا استشارتك ابنتك في أمر ما، وضحي لها ايجابياته وسلبياته بإيجاز وموضوعية، وبكل حكمة انهي الاستشارة بجملة واحدة هي‏:‏ افعلي ما تعتقدين أنه في صالحك؛ فالمراهقة تحتاج إلى العديد من الفرص لتتعلم من أخطائها قبل الاحتكاك بالمجتمع، وقبل أن تجد نفسها مضطرة لحل مشكلاتها دون مؤازرة‏.‏



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق