الأحد، 6 نوفمبر 2016

التربية البيئية ومساهمتها في رفع المستوى الحضاري




مقدمة  وتعريف "التربية البيئية" :
البيئة هي كل ما يحيط بالإنسان من عناصر حية وغير حية يؤثر فيها الإنسان ويتأثر بهـا ،أما بالنسبة لتعريف التربية البيئية فهي " نمط من التربية يهدف إلى معرفة القيم وتوضـيح المفـاهيم وتنمية المهارات اللازمة لفهم وتقدير العلاقات التي تربط بين الإنسان وثقافته وبيئته البيوفيزيائيـة، كما أنها تعني التمرس على اتخاذ القرارات ووضع قانون للسلوك بشن المسائل المتعلقـة بنوعيـة البيئة " (سلامة وعبد الرحمن ، ١٤ :٢٠٠٢).
وهذا هو التعريف المقترح الذي صدر من جامعة (ألينوي) الشمالية بالولايات المتحدة الأمريكية سنة 1970، وهذا التعريف يتفق أيضاً مع التعريف الذي أقره (مؤتمر جامي) فـي فلنـدا سـنة ١٩٧٤والذي قال بأن التربية البيئية هي وسيلة لحماية البيئة وأنها لا تعتبر فرعاً منفـصلاً عـن العلـم أوموضوعاً مستقلاً للدراسة ، وهناك تعريفات متعددة للتربية البيئية صدرت عن العديد مـن الكتـاب والمؤلفين وبعض الهيئات والمؤسسات ، حيث ركزت واشتملت في أغلبها على البنود التالية :

- التعلم من أجل فهم وتقدير النظم البيئية بكليتها، والعمل معها وتعزيزها .
- التعلم للتبصر بالصورة الكلية المحيطة بمشكلة بيئية بعينها من نشأتها ومنظوراتها واقتـصادياتها وثقافاتها والعمليات الطبيعية التي تسببها والحلول والمقترحة للتغلب عليها .
- أنها عملية تعلم لكيفية إدارة وتحسين العلاقات في الإنسان وبيئته بشمولية وتعزيـز وهـي تعلـم كيفية استخدام التقنيات الحديثة وزيادة إنتاجيتها، وتجنب المخاطر البيئية، وإزالة العطب البيئي القائم، واتخاذ القرارات البيئية العقلانية .
- وأنها عملية تكوين القيم والاتجاهات والمهارات والمدركات اللازمة لفهم وتقدير العلاقات المعقدة التي تربط الإنسان وحضاراته بمحيطه الحيوي والمحافظة على مصادر البيئة .

أما تعريف التربية البيئية في ضوء الاتجاهات المحلية فيشير إلى أن : التربية البيئيـة هـي عمليـة تكوين القيم والاتجاهات والمهارات والمدركات اللازمة لفهم وتقدير العلاقات المعقدة والتـي تـربط الإنسان وحضارته بمحيطه الحيوي الفيزيقي، وتوضح حتمية المحافظـة علـى مـصادر البيئـة وضرورة حسن استغلالها لصالح الانسان وحفاظاً على حياته الكريمة ورفـع مـستويات معيـشته .(سلامة وعبد الرحمن ، ١٥ :٢٠٠٢).

أهداف التربية البيئية :

لقد اهتمت الكثير من المؤسسات والهيئات المحلية والإقليميـة بالبيئـة ومتطلباتهـا وعقـد العديـد المؤتمرات الدولية أيضاً من اجل ذلك الغرض، ونتج عن تلك الجهود عـدة صـياغات لأهـداف التربية البيئية والتي كانت في أغلبها أهدافاً عامة ومشتركة وهي :
1) الوعي : والذي يهدف إلى مساعدة الأفراد في المجتمع على اكتساب الوعي والحـساسية للبيئـة الشاملة والمشكلات المرتبطة بها
2) المعرفة :حيث يجب مساعدة الأفراد على اكتساب الفهم الأساسي للبيئة ومشكلاتها ودور الإنسان في حلها.
3)السلوك والاتجاهات : ويتمثل ذلك في مساعدة الأفراد والجماعات على اكتساب القيم الاجتماعية، والشعور القوي نحو الانتماء للبيئة والدافعية للمشاركة بصورة فعالة في حمايتها وتحسينها .
4) المهارات : وذلك لمساعدة الأفراد والجماعات على اكتساب المهارات لحل المشاكل البيئية.
5) القدرة على التقييم : حيث يجب مساعدة الأفراد والجماعات على تقويم المقاييس والبرامج البيئيـة وذلك في ضوء العوامل البيئية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية والتربوية أيضاً .
6) المشاركة : حيث يجب حث الأفراد والجماعات على تطوير الإحساس بالمـسئولية فيمـا يتعلـق بالمشكلات البيئية لضمان العمل المناسب لحلها .

وأضاف (المقدادي ، ٤٣ :٢٠٠٦). أيضاً بأن هذه الأهداف تندرج ضمن المجالات التالية :
أ- أهداف تربوية بيئية خاصة، وهذه تعمل علي رفع مستوى الوعي و زيادة المعرفـة والفهـم للبيئة الشاملة، والمشكلات الموجودة فيها، ومسؤولية الإنسان عن دوره فيها، كما تشتمل على السلوك والاتجاهات، والشعور بالانتماء للبيئة .
ب- أهداف تربوية عامة، وتتلخص هذه الأهداف العامة في رفع مستوى وعي المجتمـع البـشري بما حوله ، وبالمشاكل المترتبة على ذلك، وتنمية اتجاهاته ومهارته وسلوكه بما يحفزه للعمـل مـن أجل حل المشاكل المعاصرة، ومنع ظهور مشاكل أخرى على المستويين الفردي والجماعي .
ج- أهداف خاصة بالمجتمع، وتتضمن تطوير مفهوم جمـاهيري أساسـي للعلاقـات الإنـسانية والتفاعلات البيئية ككل ، وتفهم الحاجة للمحافظة على التوازن البيئي ، وهذا يستدعي خلق الاهتمام، وإيجاد الحوافز للعمل على حل مشاكل البيئة ، ولتحقيق هذه الأهداف، لابد من تـوافر معلومـات دقيقة عن البيئة والمسائل المتصلة بها،
د- أهداف خاصة بالأفراد، وتتضمن الأهداف الخاصة بالأفراد مجموعة من القيم الإنـسانية التـي تتعلق بالتفاعلات الإنسانية مع البيئة والتي توجه الفرد وتقود خطواته في الحياة وتـؤدي بـه إلـى الالتزام بمنظور البيئة من أجل حياة أفضل للبشرية وفهم العلاقة بين احتياجات المجتمع وتفاعلاتـه مع البيئة من خلال الإلمام والمعرفة التامة باحتمالات المشاكل المستقبلية للبيئة .

عناصر التربية البيئية :
1) التجريبية : أي ملاحظة وقياس و تسجيل وتفسير ومناقشة الظواهر البيئية بموضوعية.
2) الفهم : إدراك متزايد لكيفية عمل النظم البيئية .
3) الإدارة: معرفة كيفية العمل فى مجموعات وصولا إلى إحداث أمور معينة وكيفية تقدير الموارد وحـشدها وكيفية التنفيذ .
4) الأخلاقيات: القدرة على اتخاذ خيارات أخلاقية واعية إزاء التنمية الاجتماعية فى تفاعلهـا مـع البيئـة وكيفية اتخاذ خيار يتلاءم مع أهداف المرء وقيمه ، ويحترم فى الوقت نفسه أهداف الآخرين وقيمهم .
5) الجماليات: تقدير البيئة لذاتها ، واستخدام البيئة للترويح والجمال والفن والإلهام وتحقيق المرء لأهدافـه القصوى .
6) الالتزام: تنمية الشعور بالاهتمام الشخصى والمسئولية إزاء رفاهية المجتمـع الإنـسانى والبيئـة  والاستعداد للمشاركة فى عملية حل المشكلات من البداية للنهاية ، المرة تلـو المـرة ، بـالرغم مـن صعوبتها وما يقابلها من تثبيط للهمم .
7) الشمولية: وعى الطلاب بالطبيعة المتداخلة وضرورة التعرف عليها بقضاياها المتبادلة بشكل شامل . (الحمد واخرون :95 ,1979)

مباديء التربية البيئية :
- التربية البيئية تتجه عادة إلى حل مشكلات محدودة للبيئة البشرية عن طريق مساعدة الناس علـى إدراك هذه المشكلات وأهميتها .
- التربية البيئية تسعى لتوضيح المشكلات البيئية المعقدة وتؤمن تظافر أنـواع المعرفـة اللازمـة لتفسيرها .
- التربية البيئية تأخذ بمنهج جامع لعدة فروع علمية في تناول مشكلات البيئة .
- التربية البيئية تحرص على أن تنفتح على المجتمع المحلي إيماناً منها بـأن الأفـراد لا يولـون اهتمامهم لنوعية البيئة ولا يتحركون لصيانتها أو لتحسينها بجدية وإصرار إلا فـي غمـار الحيـاة اليومية لمجتمعاتهم .
- التربية البيئية تسعى بحكم طبيعتها ووظيفتها لتوجيه شتى قطاعات ومؤسـسات المجتمـع إلـى بذل جهودها بما تملك من وسائل لفهم البيئة وترشيد إدارتها وتحسينها، وهي بـذلك تأخـذ بفكـرة التربية الشاملة المستديمة والمتاحة لجميع فئات الناس .
- التربية البيئية تتميز بالاستمرارية والتطلع إلى آفاق المستقبل (المقدادي ، ١٦ :٢٠٠٦).

أهمية التربية البيئية :
التربية البيئية لها أهمية كبيرة في حياة الإنسان وخاصةً الإنسان المتعلم ، والتربية البيئية ممكـن أن تختلف قليلاً من مكان لآخر في العالم ولكن تبقى أهدافها التي تسعى لتحقيقها مشتركة بين مختلـف الأماكن والمجتمعات العالمية كلٌ حسب سلوكه وثقافته ، ومن هنا نبعت أهمية أفكار التربية البيئية ،والتي يمكن أن تتلخص في البنود التالية :
- تساعد التربية البيئية الانسان على ما تتميز به البيئة من طبيعة معقدة نتيجةً للتفاعل بين جوانبهـا البيولوجية والفيزيائية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية .
- أنها تعمل على تزويد الفرد والمجتمعات بالوسائل اللازمة لتغير علاقة التكامل التي تـربط بـين العناصر المختلفة في كل مكان وزمان .
- تساعد عل تحقيق وعي واضح بالتكامل الاقتصادي والسياسي والايكولوجي في العـالم الحـديث والمعاصر.
- تؤثر في تنمية روح المسئولية والتضامن بين الشعوب في البلاد المختلفة وبغـض النظـر عـن مستوى تقدم كل منها - تعمل على إشراك السكان في المجتمع على جميع المستويات وبطريقة مسئولة وفعالة في صياغة القرارات التي تنطوي على المساس بنوعية بيئتهم الطبيعية والاجتماعية والثقافيـة وفـي مراقبـة تنفيذها .
- تساهم في خلق الوعي بأهمية البيئة بالنسبة لجهـود التنميـة المختلفـة والتـي تتعلـق بالتنميـة الاقتصادية والثقافية والاجتماعية .
- تساهم في نشر المعلومات عن أساليب الإنماء التي تترتب عليها آثار ضارة بالبيئة والدعوة إلـى انتهاج طرق للحياة تسمح بإرساء علاقات أكثر تناسقاً معها .
- تساعد التربية البيئية على استخدام الموارد في العـالم بمزيـد مـن التـدبر والحيطـة لتلبيـة الاحتياجات البشرية المتزايدة . (اللقاني وآخرون ، ٣٥ :١٩٩٠).


غاية التربية البيئية :
يري البعض أن التربية البيئية تسعى إلى تطوير عالم سكانه أكثر إحساسا واهتماما بالبيئـة ومـشكلاتها، ويمتلكون المعارف والمهارات والدوافع والالتزام بالعمل فرادى وجماعات لحل المـشكلات القائمـة ومنـع ظهور مشكلات جديدة .
ويرجع علماء التربية حتمية التربية البيئية لتعاظم تأثير الإنسان فى بيئته فى مرحلة التقدم التكنولـوجي، مما أدى إلى ظهور العديد من المشكلات البيئية التى تهدد الإنسان أولا ثم البيئة التى يعيش فيها ومن أمثلة هذه المشكلات: التلوث ، والاستنزاف ، والتصحر ، اختلال التوازن الطبيعي .
كذلك أجمعت المؤتمرات والاجتماعات على أن الوسيلة الرئيسة الفعالة لتنمية الوعى البيئى لدى الطـلاب ،وإكسابهم القيم البيئية ، والسلوك البيئى السليم هو إدخال التربية البيئية ضمن برامج التعليم العـام ، كمـاأجمعت على أهمية توعية جميع أفراد الشعوب فى جميع الأعمار توعية بيئية مستمرة وإعادة النظـر فـى المناهج بصورة عامة.

انتهى

المراجع :

1ـ رشيد الحمد ومحمد سعيد صباريني، البيئة  ومشكلاتها، المجلس الوطني للثقافةوالفنون والآداب، الكويت، مطبعة الكويت، ١٩٧٩،ص٩٥.
2- اللقاني ، أحمد حسين وآخرون , تدريس المواد الاجتماعية ، عالم الكتب: القاهرة , 1990 .
3- المقــــــدادي ، كــــــاظم ,التربيــــــة البيئيــــــة الحديثة  ,    الدانمارك ,  2006 .
4- سلامة ، وفاء وعبد الرحمن ، سعد, التربية البيئية لطفـل الروضـة ، دار الفكـرالعربي ، القاهرة , 2002


هناك 8 تعليقات: