الثلاثاء، 30 أبريل 2013

المدرسة الذكية.. بين الواقع والمأمول


















* بحث خاص / محمد ابو سليم

تعرف "المدرسة الذكية" بأنها المدرسة التي تحرص على الإفادة من الإمكانات المتعددة لتكنولوجيا المعلومات، وذلك في تطويرالعملية التعليمية، وتحديث الإدارة التعليمية ،وتحقيق التواصل بين الطلاب والمعلمين وأولياء الأمور، وتوفير بيئة مدرسية تشجع على استخدام التكنولوجيا ،وإكساب الطلاب مهارات التعلم الذاتي، وإكسابهم مهارات العقلية الناقدة.

ومن خلال التعريفات السابقة يمكن تحديد أبعاد المدرسة الذكية في عناصر ثلاثة:

بيئة تدريس من أجل التعلم، ونظم وسياسات إدارة مدرسيةجديدة ،ومهارات وتقنيات تعليمية وتوجيهية متطورة (علي ,2007,ص10)

• دواعي التفكيرفي إنشاء المدارس الذكية في تحقيق الأهداف التالية :

  1. مواكبة التطورالعلمي المذهل الذي حققه الإنسان في القرن الحادي والعشرين وتأثيره على أسلوب الحياة في كافة المجتمعات المعاصرة.
  2. ضرورة أن تعمل كافة المؤسسات المختلفة على توفيق أوضاعها مع الحياة العصرية التي تتطلبها تكنولوجيا المعلومات.
  3. أهمية السعي إلى خلق مجتمع متكامل ومتجانس من الطلبة وأولياء الأموروالمعلمين والمدرسة.
  4. تحديث العملية التعليمية و وسائل الشرح والتربية وبالتالي تخريج أجيال أكثرمهارة واحترافية.
  5. تطويرالقطاع الخاص من خلال الاعتماد عليه في تقديم الأجهزة والمعدات والوسائط المتعددة والدعم الفني لخدمة المدارس والمنشآت التعليمية مما يغذي الاقتصاد الوطني بالشركات المتخصصة التي تقدم خدماتها بشكل احترافي متميز لخدمة المشروع، وبالتالي إيجاد فرص عمل جديدة في ظل هذا المشروع القومي الراقي. (الندوة الإقليمية حول توظيف تقنيات المعلومات والاتصالات في التعليم) .

مزايا المدرسة الذكية : 

  1. تقديم وسائل تعليم أفضل وطرق تدريس أكثر تقدماً.
  2. تطوير مهارات وفكر الطلاب من خلال البحث عن المعلومات وإستدعائها بإستخدام تكنولوجيا الإتصالات والمعلومات والإنترنت في أي مجال أو مادة تعليمية.
  3. إمكانية تقديم دراسات وأنشطة جديدة مثل تصميم مواقع الإنترنت والجرافيك والبرمجة, وذلك بالنسبة لكافة مستويات التعليم , والذي يمكن أن يمثل أيضا مصدراً إيرادياً للمنشأة التعليمية.
  4. إمكانية إتصال أولياء الأمور بالمدرسين والحصول علي التقارير والدرجات والتقديرات وكذلك الشهادات, وذلك من خلال الإنترنت أو من خلال أجهزة كمبيوتر في المدرسة يتم تخصيصها لهذا الغرض
  5. تطوير فكر ومهارات المعلم وكذلك أساليب الشرح لجعل الدروس أكثر فاعلية وإثارة لملكات الفهم والإبداع لدى الطلاب .
  6. إقامة إتصال دائم بين المدارس وبعضها لتبادل المعلومات والأبحاث ودعم روح المنافسة العلمية والثقافية لدى الطلبة . كما يمكن إقامة مسابقات علمية وثقافية باستخدام الإنترنت مما يدعم سهولة تدفق المعلومات بين كافة أطراف العملية التعليمية وتحسين الاتصال ودعم التفاعل فيما بينهم.
  7. الاتصال الدائم بالعالم من خلال شبكة الإنترنت بالمدارس يتيح سهولة وسرعة الاطلاع على واستقطاب المعلومات والأبحاث والأخبار الجديدة المتاحة فضلا عن كفاءة الاستخدام الأمثل في خدمة العملية التعليمية والتربوية.
  8. الاعتماد على الشركات الوطنية المتخصصة في توريد الأجهزة والمعدات والدعم الفني للمدارس الذكية ينشط ويسرع اقتحام الإنتاج الوطني لمجال صناعة البرمجيات وأدوات التكنولوجيا الفائقة بما يدره هذا المجال الواعد من قيمة مضافة عالية ويتيحه من تطوير لقدرات مجالات الإنتاج الأخرى . (زيد ابو زيد ,http://www.worwon.com/vb/worwonf-37/3896.html)
  9. فتح الابواب بعد انتهاء وقت الدراسة النظامية أمام البالغين الراغبين في التعلم، وكذلك الملاعب والمكتبات والقاعات والورش والمعامل المدرسية يجب ان تكون مفتوحة أمام المجتمع المحيط بها، وأيضا تقديم استشارات ونصائح رسمية وغيررسمية لأسرالتلاميذ في القضاياالتربوية ( جويل ,2006,ص322)

خدمات المدارس الذكية :

إن المدرسة الذكية تقدم خدمات مختلفة لكافة مستخدمي المدرسة الذكية وكذا المجتمع المحيط
وتتلخص هذه الخدمات في التالية :

1- خدمات عامة :
  • الدخول على موقع المدرسة على الإنترنت .
  • بريد إلكتروني للطلبة والإداريين والمدرسين وأولياء الأمور .
  • حوار متبادل بين المستخدمين من خلال غرف الحوار.
  • منتديات خاصة بين المجموعات المختلفة .
  •  إنشاء صفحات خاصة للمستخدمين على الموقع .
2- خدمات للإداريين :
  • إدخال بيانات الطلبة والعاملين .
  • إدارة جميع الأحداث المدرسية والجداول المدرسية واللقاءات والرحلات .
  • الجداول المدرسية يدوياً واتوماتيكياً .
  • المكتبة الإلكترونية.
  • إدارة موارد المدرسة .
3- خدمات للمدرسين :
  • إنشاء بنوك خاصة للأسئلة المنهجية .
  • التحكم في المعمل بالوسائل الإلكترونية.
  • الواجبات المنزلية للطلاب .
  • القدرة على إنتاج المناهج المدرسية على أسطوانات مدمجة باستخدام الوسائل التكنولوجية.
4- خدمات للطلاب :
  • استخدام المعامل الذكية في شرح المناهج الدراسية الأساسية ( اللغة الإنجليزية – مادة العلوم – الرياضيات ) والمدخلة بالنظام باللغتين العربية والإنجليزية .
  • استدعاء بنك الأسئلة المدخل بواسطة المدرس.
  • الدخول على النظام المكتبي ( المكتبة الإلكترونية (.
  • استدعاء الواجب المنزلي والإجابة عليه وإرساله للمدرس عن طريق البريد الإلكترونى للطالب.
5- خدمات أولياء الأمور :
  • استدعاء بيانات (الابن / الابنة) وإمكانية التعديل فيها .
  • استدعاء درجات نجله ومعرفة جدول الحصص وجدول الامتحان والأنشطة المدرسية المختلفة .
  • استدعاء تعليقات المدرسين على نجله وكذا الحالة الصحية له .
  • معرفة نتيجة نهاية العام الدراسي لنجله.

*هل المدرسة الذكية حقيقة قادمة ام هي وهم ولا يمكن تحقيقه ؟؟

من خلال بحثي تبين لي أن "المدارس الذكية" ليست موجودة على أرض الواقع في الوقت الحالي في كثير من الدول العربية والاجنبية  - بغض النظر عن تطبيق مشاريع تهدف الى توظيف التكنولوجيا في التعليم - مدارسنا يجب أن تشتمل على بنية تحتية جيدة ، ونظام مرن، وإدارة وفاعلة، كي تكون مهيأة لإستخدام التقنيات التعليمية بفاعلية، وليس مجاراة للآخرين. 

وبالإضافة إلى الحاجة إلى تغيير المدارس، فإن الحاجة تبدو ماسة أيضاً للاهتمام بالمعلمين الذين هم حجر الزاوية في العملية التعليمية  , وحتى تصبح هذه المدارس إضافة جديدة إلى منظومة التعليم، ويجب اولاً العمل على التالي :

  1. مساعدة معلمي وتلاميذ المدارس الذكية على اقتناء جهاز كمبيوتر منزلي عن طريق مشروع تدعمه وزارةالتربية والتعليم، حتى يتمكنوا من شراءالجهاز.
  2. مساعدة الوزارة في ربط الحاسبات المنزلية لمدرسي وتلاميذ المدارس الذكية بشبكة المعلومات الدولية) الإنترنت) .
  3. أن تبث المدرسةعلى موقعها بشبكة الإنترنت الدروس اليومية والأسبوعية. حتى يتمكن التلاميذ من الدخول على موقع المدرسة الذكية لمتابعة الدروس التعليمية عن بعد.
  4. إمكانية مشاركة التلاميذ في العملية التعليمية بالمدرسة من خلال الكمبيوترالمنزلي.
  5. توفيرمواد تعليمية بالمدارس الذكية على شكل أفلام تسجيلية ومجسمات،وعمل عروض عمليةمن خلال جهازالكمبيوتر وجهازالفيديو كونفرانس.
  6. تنظيم دورات في استخدام الذكاء الاصطناعي في التعليم لجميع العاملين بالمدارس الذكية.
  7. التدريب الدوري المستمر والمتواصل للمعلم على أحدث الأجهزة والبرامج.
  8. استفادة المعلمين والتلاميذ من الخدمات التعليمية والموضوعات الدراسية الجيدة التي توفرها الإنترنت حيث يستفيد المعلم من مواقع المعلومات الخاصة بالتخصص المهني في تصميم الدروس، ويستفيد التلميذ بإشباع رغبته في البحث عن المعرفة والمعلومات من خلال الشبكة، كذلك إتاحة الفرصة لأن يقوم التلاميذ بتحضيرالدروس عن طريق الإنترنت.
  9. قيام الوزارة بإنتاج ومعالجة جميع الموادالدراسية تكنولوجيا وتجهيزالمدارس الذكية بها وأن تكون الموضوعات المعدة من قبل الوزارة كافية،والأقراص المدمجة متوفرة بصورة كافية حتى لايرهق المعلم في إعداد الدروس ماديًا وبدنيًا.
  10. يجب أن تكون نوعية المواد الدراسية المعالجة إلكترونيا جيدة، وتوفرعنصرالتشويق في المادةالدراسية المقدمة من خلال الكمبيوترالمدرسي.
  11. المواد الدراسية المبرمجة حالياً تحتاج إلى مزيد من التطويروالإعداد الجيد من قبل الخبراء بالتعليم.
  12. زيادة عدد المعامل والأجهزة بالمدارس الذكية بحيث يقابل عددالفصول والتلاميذ بالمدرسة (جهازلكل تلميذ) .
  13. زيادة الوقت المخصص للتعلم الإلكتروني وزيادة وقت الحصص حتى يستطيع المعلم التمكن من الوقت وتغطية الدرس بصورة جيدة.
  14. يجب استخدام الذكاء الاصطناعي والوسائل التكنولوجية وشبكة الاتصالات في جميع العمليات الإدارية بالمدارس الذكية ،في الاتصال مع المستويات الإدارية العليا، وفي التواصل مع أسرالتلاميذ ،أو في أي شأن إداري.
  15. عمل قواعد للبيانات خاصة بالتلاميذ والمعلمين والإداريين وجميع العاملين بالمدرسة الذكية.
  16. إمكانية استخدام التلاميذ أو أولياء أمورهم لشبكة الإنترنت في معرفة نتيجة الامتحانات والاختبارات المدرسية الخاصة بهم من خلال الاتصال بموقع المدرسة الإلكتروني، وكذلك في حالة الاستفسارعن شأن إداري.
  17. عمل مكتبات رقمية "إلكترونية" بالمدارس الذكية بالاستفادة من التكنولوجيا الحديثة وشبكة المعلومات الدولية.
  18. اتباع طرق وأساليب التقويم الرقمي) الإلكتروني) للتلاميذ بالمدارس الذكية،من خلال توظيف أجهزة الذكاءالاصطناعي المتوفرة لديها.
  19. زيادة الاهتمام بالمشروع وتوعية المعلمين بأهميته ودعمه بالإمكانيات المادية والمتخصصين.



الاثنين، 29 أبريل 2013

إعداد المعلم في ضوء منظومة القيم (أهميته.. متطلباته.. فوائده)








تم تقديم ورقة عمل بعنوان إعداد المعلم في ضوء منظومة القيم (أهميته.. متطلباته.. فوائده) في مؤتمر "الحصاد التربوي السابع" والذي نظمته "مدارس الحصاد التربوية" ، وهذه الورقة من إعداد الدكتورعبدلله فرج لله (مدير عام اكاديمة الثريا للتنمية البشرية والتدريب) .

مقدمة الدكتور عبد الله فرج الله :

أحاول في هذه الورقة أن أتحسس الطريق الهادي إلى معلم كبير، بحجم أمته، بآمالها وتطلعاتها، وٕالى منظومة القيم التي اهتزت أركان الأمة بغيابها، ودبّ العطب في أوصال كل مؤسساتها، فكلاهما المعلم ومنظومة القيم ضالتنا التي ننشد، وغايتنا التي إليها نسعى ونجتهد.

ليس هدفي في هذه الورقة أن أضع خطة محكمة لإعداد المعلم في ضوء منظومة القيم، بل أن أرسم طريقاً صحيحاً للوصول إلى حالة صحيحة، قد تجدي فيها الجهود المبذولة، وتنفع فيها المؤتمرات المعقودة اليوم، والتي ستعقد غداً وبعده.

حالة صحية يغاث فيها المعلمون، ويجدون فيها ما يعصرون، فلقد مرت بهم سنوات عجاف، تتضاءل أمامها سبع يوسف عليه السلام، ملّوا فيها كثرة الخطابات، ووفرة المؤتمرات، فلم تكن عندهم غير زبد تتقاذفه الأمواج.

في هذه الورقة أرى من المناسب أن نجعل الإعداد بعد الإصلاح، أو لنقل أن يصحب الإعداد الإصلاح، وأقصد بالإصلاح هنا، إصلاح حال المعلم، وترميم أوضاعه، فقد كان ضحية غياب منظومة القيم، فقد عانى كثيراً من الظلم والتهميش، ودفع ثمناً باهضاً للمحسوبية والشللية والواسطة والرشوة والفساد، حين كان يرى تقديم من حقه التأخير، وتأخير من حقه التقديم، بل ويرى الرجل يتبوأ المنصب الكبير، لم يصل إليه بعمله وعلمه وتعبه، بل وصله بنفاقه وربما بنسبه.

حتى رأينا للأسف منظومة القيم مهزوزة في نفس بانيها وحاميها وزارعها "المعلم"..

فانعكس هذا الاهتزازعلى نفسيات أبنائنا، وأجيال المستقبل وبناته، فكان حصاد السنين مريراً ، وتأتي هذه الجهود المباركة التي تبذل على شكل مؤتمرات، أو ندوات، أو محاضرات ،أو دورات، أو مؤلفات.. لترميم الحالة وٕاصلاحها، علها تسهم في التصحيح، وتعيد الأمور إلىنصابها، وتعدل مسارها.

وأود أن أؤكد أن منهجي في إعداد هذه الورقة قام على اختيار محطات سريعة بعناوين متسلسلة، غايتي منها إيصال الفكرة، وٕارسال رسائل أو برقيات، واضحة الغاية والمقصود، مختصرة اختصاراً مناسباً وغير مخلّ بالمعنى، وذلك حتى لا يمل السامع أو القارئ.

رابط ورقة العمل :


إعداد المعلم في ضوء منظومة القيم (أهميته.. متطلباته.. فوائده)




السبت، 27 أبريل 2013

متطلبات إختيار الوسيلة التعليمية وفقاً "لأسلوب النظم"




عند عمليّة اختيار الوسائل التعليمية بطريقة "نسقيّة منظوميّة" يجب مراعاة جميع العناصر المكوّنة للمنظومة وصولاً إلى :

  1. تحقيق أهداف الموقف التعليمي .
  2. إثراء بيئة المتعلّم بالمحسوسات التي تساعده على تكوين المدركات والخبرات الواقعيّة.
  3. رفع كفاءة العمليّة التعليميّة.


العوامل المؤثّرة في إختيار الوسيلة التعليميّة :
  1. الكم الهائل من الوسائل المتاحة في البيئة المحليّة والخارجيّة .
  2. التفاوت الكبير بين المتعلّمين من ناحية القدرات والاستعدادات والميّول .
  3. الأهداف المتعدّدة التي نسعى لتحقيقها في الموقف التعليمي .
  4. تنوّع مواصفات الوسائل من حيث المزايا والعيوب .
  5. عدم وجود وسيلة تعليمية معيّنة تصلح للاستخدام في كلّ الأحوال، ولتدريس الأهداف التعليميّة كافّة.


أخطاء يقع فيها المعلّم عند اختيار الوسيلة التعليميّة :
  1. اختيار الوسيلة المتوفرة في المدرسة  بغض النظر عن  مناسبتها لمحتوى الدرس.
  2. اختيار الوسيلة دون مراعاة خصائص الطلاب العمريّة، والدراسيّة والاجتماعيّة.
  3. اختيار وسيلة قد لا تكون ذات علاقة بموضوع الدرس، ولكن يتم اختيارها بغرض الترفيه.
  4. التركيز على وسائل بعينها دون التفكير في وسائل أخرى.
  5. اختيار الوسيلة الأحدث دون النظر إلى مناسبتها لمتغيّرات الموقف التعليمي.
  6. اختيار الوسيلة اعتمادًا على عنوانها لمطابقتها عنوان الدرس دون مراجعة المضمون.


معايير اختيار الوسيلة التعليميّة :



* المعايير الشكليّة :
  1. توفّر المواصفات الفنية والجودة التقنيّة في الوسيلة.
  2. توفّر إمكانات العرض الناجح للوسيلة من حيث المكان والأجهزة والصلاحيّة.
  3. توفّر الوسيلة في صورة جاهزة أو قابلة للتعديل أو إمكانيّة إنتاجها بسهولة.


* المعايير العلميّة :
  1. أن تكون الوسيلة الأكثر إسهاماً في تحقيق الأهداف التدريسيّة.
  2. صحّة المحتوى العلميّ للوسيلة ومطابقتها للواقع.
  3. أن تكون الأكثر ملاءمة لخصائص المتعلّمين.
  4. أن تعمل على تنفيذ استراتيجيّة التدريس.
  5. أن تسهم في زيادة قدرة الطالب على التأمل والملاحظة والتفكير العلمي.


 يتبع .."خطوات اختيار الوسيلة التعليمية"

الثلاثاء، 23 أبريل 2013

دور علماء النفس في نموّ "علم تصميم التعليم"




يؤكّد العالم "بــــرونر"على :
  •  دور "الخبرات السابقة" في مجال التعليم .
  • حسن "تنظيم المادّة التعليميّة" بما يتناسب مع قدرات المتعلّم .
  • كيفيّة "استخدام الثواب والعقاب" أثناء التعليم بحيث يتمّ التركيز في النهاية على تحفيز المتعلّم على التعلّم بدافع داخلي ذاتي بدلاً من الاعتماد على  الحوافز والمكافآت الخارجيّة.



أمّا العالم "أوزبل" فيؤكد على :

  • أنّ عمليّة تعلّم مادّة ما أو معلومة جديدة في أي موضوع درس تعتمد على قيام المتعلّم بتمثيل(Assimilation) أو استيعاب هذه المعلومة من خلال عمليّة التضمين Subsumption وتعني؛ ربط المعلومات الجديدة بالمعلومات والأفكار الموجودة لدى المتعلّم فيي بنيته المعرفيّة ودمجها معًا ممّا يؤدّي إلى ظهور معلومات وأفكار جديدة تنمّي وتطوّر وتعدّل البنية المعرفيّة .

  • أهميّة التعلّم بالاستقبال الذي يعتمد على عرض وتقديم المادّة التعليميّة للمتعلّم في صورتها النهائيّة بشرط أن تنظّم تنظيمًا جيّدًا ذا معنى؛ ممّا يدفع بالمتعلّم إلى أعلى درجة من الكفاءة.



من جانبه يؤكد العالم "جانييه" على :

(مبادئ نظريّته التعليميّة الهرميّة في المجال التربوي).

وفقًا لهذه النظريّة:

فإنّ قدرات الإنسان مبنيّة بطريقة هرميّة؛ لذلك فإنّ عمليّة التدريس يجب أن تتمّ بطريقة تتفق وعمليّة التعلّم.

أي أنّ: المهمّات البسيطة يجب تعلّمها قبل المهمّات المعقّدة، ومن هنا برزت فكرة المتطلّبات السابقة للتعلّم  Prerequisites





من العوامل التي أدّت إلى تبنّي "مدخل النظم" في مجال تصميم التعليم والذي استعرضناه في مواضيع سابقة:




السبت، 20 أبريل 2013

أدوات لدراسة "حالة طالب"



بعض الأدوات التعليمية المناسبة لجمع المعلومات عن "حالة طالب" قد لوحظ عليه اكثر من مرة "سلوكات عدوانية" تجاه اقرانه نذكر منها، ( الاستبيان، المقابلة، الملاحظة) :










الخميس، 18 أبريل 2013

التعليم عن بعد: مفهومه، تطوره، متطلباته، الحاجة إليه..





ساعد التطور المتسارع في التقنيات المعلوماتية والاتصال الحديثة على رواج استخداماتها التعليمية، مما أدى إلى زيادة كفاءة أشكال "التعليم عن بعد"، وبروز صنوف جديدة، أكثر فعالية، منها، ورسوخ مقاربة التعليم "متعدد القنوات".

إذ يمكن، من حيث المبدأ، التفرقة بين التعليم عن بعد كبديل للتعليم التقليدي (حيث يترتب على الالتحاق ببرنامج للتعليم عن بعد إكمال مرحلة تعليمية أو الحصول على مؤهل)، وبين التعليم عن بعد كمكمّل للتعليم التقليدي في سياق "التعليم متعدد القنوات"، الذي تقوم فيه أشكال من التعليم عن بعد في ضفيرة حول التعليم في المؤسسات التعليمية النظامية.

وقد أصبح التعليم عن بعد، وتعدد القنوات التعليمية، عنصرين جوهريين، ومتناميين، في منظومة التعليم المتكاملة في المجتمعات الحديثة.

ومعروف أن نسق التعليم في البلدان النامية يعانى من أوجه قصور ومشكلات يظهر أن التعليم عن بعد، خاصة في سياق التعليم متعدد القنوات، يمكن أن يساهم في مواجهتها. ويقع على رأس قائمة القصور هذه مشكلات الاستبعاد من التعليم التقليدي إما بسبب النوع أو البعد المكاني، أو الفقر. ولا يقل عن ذلك أهمية انخفاض نوعية التعليم، وضعف العلاقة بين التعليم ومقتضيات التنمية والتقدم.

غير أن مشكلات نسق التعليم، وسمات السياق العام للتعليم في البلدان النامية، يمكن أن تُنتج أنماطا من التعليم عن بعد مشوهة وقليلة الكفاءة إذا لم يخطط لها بروية، وتوفر لها الإمكانيات الكافية. كذلك قد يفاقم اعتماد تعدد القنوات التعليمية، دون تحسب دقيق، من مشكلات تنظيم الأنساق التعليمية وإدارتها بكفاءة.

ولذلك فإن الاستغلال الناجع  للتقنيات المعلوماتية والاتصالات الحديثة في التعليم عن بعد، والتعليم متعدد القنوات، يمثل تحديا ليس بالهين.

مفهومه :

حيث المبدأ، يقوم التعليم عن بعد على عدم اشتراط الوجود المتزامن للمتعلم مع المعلم في الموقع نفسه. وبهذا يفقد كلا المعلم والمتعلم خبرة التعامل المباشر مع الطرف الآخر، ومن ثم تنشأ الضرورة لأن يقوم بين المعلم والمتعلم وسيط، وللوساطة هذه جوانب تقنيية وبشرية وتنظيمية.

كما يمكّن التعليم عن بعد المتعلم من اختيار وقت التعلم بما يتناسب مع ظروفه، دون التقيد بجداول منتظمة ومحددة سلفا للقاء المعلمين، باستثناء اشتراطات التقييم، الأمر الذي يعنى حضور "المدرسة" للمتعلم بدلا من ذهابه للمدرسة في التعليم التقليدي.

وينطوي كل ذلك، في النهاية، على غياب القرناء بالمعنى التقليدي في كثرة من أشكال التعليم عن بعد.

ولكل ذلك لا يمكن أن يقوم نسق فعال من التعليم عن بعد في غياب تواصل قوى، ومتبادل، بين المعلم والمتعلم عن بعد، ويفضل أيضا بين قرناء على البعد، يتكيف حتما بالتقنية ووسائط الاتصال المستخدمة. إذ أن غياب هذا التواصل يعنى تدهور التعليم عن بعد إلى صورة "حديثة" من التعليم بالمراسلة من خلال الدرس المستقل للمتعلم.

تطوره :

في البداية، كان التعليم عن بعد يعنى التعليم بالمراسلة، أي أن الوسيط كان الخدمة البريدية التي تنقل مواد مطبوعة، أو مكتوبة، بين المتعلم والمعلم. ولكن جعبة التقنيات التي تستعمل في التعليم عن بعد تتسع حاليا لتشمل مجموعة كبيرة من تطبيقات الحواسيب ووسائط الاتصال الحديثة كالأقمار الصناعية. فتوفر تطبيقات الحواسيب حاليا سبل نقل النص، والصورة، والحركة، والخبرة الحسية (من خلال أساليب "الحقيقة الظاهرية") كأساليب للاتصال تبز أحيانا ما يوفره أقدر المعلمين في قاعات التدريس العادية. ويمكن الآن باستخدام الأقمار الصناعية الاتصال هاتفيا وتوصيل البث الإذاعي، صوتا وصورة، لمواقع نائية دون شبكات بنية أساسية أرضية مكلفة.

فحيث يمثل التعليم بوجه عام وظيفة أساسية في المجتمعات البشرية، كان طبيعيا أن تتغير أشكال التعليم بوجه عام، وتتطور، مع تصاعد التطور التقانى. وحيث يعتمد التعليم عن بعد بوجه خاص على تقنيات الاتصال، مهّد كل طور من التطور في هذه التقنيات لبزوغ الأشكال المناسبة له من التعليم عن بعد.

فتطور شبكات البريد أنتج التعليم بالمراسلة عبر المواد المطبوعة والمكتوبة. وأدى بدء البث الإذاعي إلى استخدام الراديو في التعليم. وبتقدم الصناعات الكهربائية والإلكترونية ازداد دور الصوتيات بشكل عام في التعليم من خلال أجهزة التسجيل, ثم ظهر التلفزيون، وتلاه الفيديو. وازدادت أهمية أشكال البث التعليمي، سمعا ورؤية، مع شيوع استعمال الأقمار الصناعية. وبانتشار الحواسيب الشخصية وشبكات الحواسيب، أصبحت تطبيقات الحواسيب، خاصة تلك القائمة على التفاعل، من أهم وسائل التعليم عن بعد، وأكثرها فعالية، وعلى وجه الخصوص في ميدان التعلم الذاتي.

في الولايات المتحدة الأمريكية، على سبيل المثال، منحت أولى تراخيص "الراديو التعليمي" في العشرينيات الأولى من القرن الحالي، وبدأ البث التلفزيوني التعليمي في عام 1950. ولم تنشأ أولى، وربما أهم، الجامعات المفتوحة إلا في عام 1971 في بريطانيا. وبدأ استخدام شبكات الحواسيب في التعليم والتعلم في الولايات المتحدة الأمريكية عندما وفرت "مؤسسة العلم القومية" للجامعات الأمريكية فرصة استعمال شبكة الإنترنت في منتصف الثمانينيات. وتلا ذلك، أي في التسعينيات، بدء انتشار استعمال الوسائط الحاسوبية في التعليم قبل الجامعي، وفى أماكن العمل وفى البيوت.

متطلباته :

لكل نوع من التعليم عن بعد، وفى الواقع لكل هدف تعليمي محدد وسائط تقنية أكثر مناسبة من غيرها، فالراديو يساعد على شحذ الخيال، والتلفزيون فعال في التعامل مع الأحداث المركبة، والحواسيب تناسب اكتساب المهارات الناجمة عن التكرار والممارسة والتفاعل (وبالمناسبة، تدل البحوث الحديثة في تكوّن الذاكرة طويلة الأجل على الدور الجوهري لتكرار الخبرة). ولذلك فإن تعدد الوسائط التقنية، في سياق التعليم متعدد القنوات، يوفر مجالا أرحب لإثراء العملية التعليمية. كذلك يتكيف استخدام الوسائط التقنية بظروف المجتمع المحدد الذي تقوم فيه، سواء من حيث التوافر، أو النوعية أو كفاءة الاستغلال.

وتجدر الإشارة هنا إلى ملحوظتين أساسيتين.

الأولى أن استعمال أشكال التعليم عن بعد المختلفة والتركيز النسبي على أي منها، في أي مجتمع، رهن بالتشكيلة التقنية القائمة فيه وبمقوماتها المجتمعية، بما في ذلك البنية الأساسية والتنظيمية.

والثانية، أن استخدام الأشكال الأكثر فعالية من التعليم عن بعد، تلك التفاعلية باستخدام الحواسيب والشبكات، والمؤثرة على نوعية التعليم، حديث نسبيا حتى في المجتمعات المتقدمة. وأن هذه الأشكال هي في الوقت نفسه الأكثر كثافة تقنيا، والأعلى تكلفة، والأكثر حاجة لبنى تحتية مكلفة هي الأخرى. والبلدان النامية مستقبلة متأخرة لهذه الإمكانيات، ومن ثم لن يمكن، وفق مجريات الأمور الراهنة، التوصل لها إلا لأقلية، تتضاءل في المناطق الأفقر.

ويقل توافر وسائل الاتصال الحديثة في البلدان النامية مع حداثة وسيلة الاتصال، وارتفاع ثمنها (التليفون والفاكس والحواسيب والإنترنت) ومدى حاجتها لبنية أساسية مكلفة (التليفون والفاكس والإنترنت). وبعبارة أخرى، يقل توافر وسائل الاتصال كلما زادت فعاليتها في التعليم عن بعد ومن باب أولى، في التعلم الذاتي عن بعد.

كذلك يتعين ملاحظة أن المهم ليس مجرد الوجود، ولكن مدى إمكان الاعتماد عليها- فمازال البريد العادي غير مضمون وصوله، ناهيك عن وصوله بسرعة، لعموم القطر، وتقلل الأعطال المتكررة من الاستفادة من وسائل الاتصال الباقية، في بلدان نامية.

والنوعية مسألة حتى أعقد. وهنا تثار أمور مثل: هل تصل التليفونات "كابلات" نحاسية تقليدية أو ألياف ضوئية، وأي أساليب نقل المعلومات تطبق في الشبكات؟ حيث تحدد هذه الفروق طاقة نقل المعلومات ومدى سرعة نقلها عبر الشبكات، ومن ثم درجة غنى الرسائل التعليمية التي يمكن نقلها.

الوسائط التقنية الأكثر مناسبة للتعليم عن بعد في البلدان النامية

وبناء على المناقشة السابقة، يظهر أن الراديو- والصوتيات بوجه عام- يليها التلفزيون، هي الوسائط الأكثر مناسبة للاستعمال الواسع، خاصة فى ميدان مقاومة الاستبعاد من التعليم، في البلدان النامية حاليا.

فتتميز هذه التقنيات، من حيث المبدأ، بكونها واسعة الانتشار، ورخيصة نسبيا، ولا تحتاج بنية تحتية مكلفة. والواقع أن انتشار البث الإذاعي في البلدان النامية متسع جدا، لأسباب غير تعليمية، وفى الأغلب مترد نوعا، بما يؤسس حاجة للاستخدام الفعال لهذه الوسائط في التعليم والتنوير.

ولكن ينتاب الإذاعة التعليمية، المسموعة والمرئية، وجه قصور تعليمي أساسي هو غياب التفاعل المزدوج بين المعلم والمتعلم. ومع ذلك، يزيد من الأهمية التي يجب أن تولى لاستعمال الراديو وجود تقييمات حسنة، حتى في تعليم أوليات الرياضيات والعلوم، لما يسمى "تعليم الراديو التفاعلي" الذي يتضمن إشراك المتعلمين عن بعد من خلال طلب قيامهم بنشاطات، فردية أو جمعية، أثناء البث الإذاعي، بدلا من مجرد الإنصات السلبي.

ولا يوجد من حيث المبدأ ما يمنع من أن تمتد هذه الطريقة للبث التعليمي التلفزيوني. ولكن ذلك النوع من التواصل المنقوص لا يقوم بديلا فعالا، في كلتا الحالتين، للتفاعل الآني.

وفوق ذلك، فإن المزايا العامة التي ذكرنا أعلاه للإذاعة من حيث المبدأ لم تمنع أن تعانى برامج البث الإذاعي التعليمي في البلدان النامية، التي اهتمت بتقييمها، من أوجه نقص عديدة منها نقص التمويل، وقلة المعدات ووقت الإذاعة المتاح، وضعف تدريب العاملين، وقلة اهتمام المسئولين- الذين يفضلون البرامج المدرة للربح- وحتى المعلمين.

غير أن التوصية بالاهتمام بالإذاعة لا تعنى، على الإطلاق، إهمال التقنيات الأكثر تطورا، خاصة وهى تحمل الأمل الأكبر في مواجهة مشكلة تردى نوعية التعليم التقليدي في البلدان النامية.

الحاجه إليه :

الحاجة إلى التعليم عن بعد والتعليم متعدد القنوات

بداية، يمكن، بل مطلوب بشدة، أن يساهم التعليم عن بعد فى حل مشكلات الاستبعاد من التعليم التقليدى، سواء فيما يتصل بالتعليم قبل المدرسى بوجه عام، أو استبعاد البنات والنساء والمناطق النائية والفئات الفقيرة من مراحل التعليم الأعلى.

ومن الممكن، بل صار ملحا، أن تستغل أساليب التعليم عن بعد فى مكافحة تردى النوعية فى التعليم التقليدى من خلال التعليم متعدد القنوات. ومن المميزات المعروفة لبعض أشكال التعليم عن بعد هو انخفاض تكلفتها، الأمر الذى يساعد على استخدامها فى البلدان الأفقر.

ويمكن أن تساعد أساليب التعليم عن بعد فى التغلب على ندرة المعلمين، خاصة فى المناطق النائية والأفقر فيها، وتوفر أداة فعالة للنهوض بمستوى المعلمين باستمرار، وتساهم فى توسيع نطاق الاستفادة من المعلمين الموهوبين، سواء فى تعليم النشء أو فى تدريب عامة المعلمين.

غير أن لتبنى التعليم عن بعد، بكفاءة، ميزتين إضافيتين، على الصعيد الاجتماعى وفى المعترك الدولى.

على الصعيد الاجتماعى، سيساعد تنامى "التعلم الذاتى عن بعد" بين أبناء القادرين على تفاقم الانتقائية المتزايدة للفئات الاجتماعية الأغنى فى التعليم الأرقى نوعية، بحيث يصبح التعليم أداة لتكريس الاستقطاب الاجتماعى، بدلا من وظيفته المرجوة فى التقليل من الفوارق الاجتماعية.

وترتب هذه السمة أهمية خاصة لتوفير إمكان الاستفادة من ثمرات التقانات الحديثة لأبناء الفئات الاجتماعية الأضعف. وقد صار لزاما، خاصة مع انتشار الفقر، أن توفر نظم التعليم العربية العامة الأشكال الأحدث من تقانات التعلم الذاتى عن بعد لأبناء غير القادرين.

وفى المعترك الدولى، تنطوى عملية العولمة على أنماط، مباشرة وأخرى مقنّعة، من التعليم عن بعد، من خارج نسق التعليم والتنشئة الوطنى، قوى ويزداد قوة باطراد، ومحمّل بلغات وبثقافات غريبة- بأوسع معنى- بما قد يحمل أخطارا على رسالة التعليم. ومن ثم بات ضروريا دخول معترك التعليم عن بعد باعتباره مجالا حيويا للتعلم على صعيد العالم لم يعد ممكنا تجاهل وجوده.

وباعتبارها تبدأ من الصفر تقريبا، تنهض فرصة لأن تُصمم نظم التعليم عن بعد، منذ البداية، لتتلافى نقائص التعليم التقليدى، خاصة تلك التى ينعقد الأمل على التعليم عن بعد فى المساهمة فى مكافحتها وعلى رأسها الاستبعاد- بمختلف أنواعه التى ذكرنا أعلاه- وتردى النوعية، والفصام مع مقتضيات التنمية والتقدم.

شروط نجاحه :

شروط نجاح التعليم عن بعد والتعليم متعدد القنوات

هناك قدر من الانبهار بالتعليم عن بعد، وباستخدام التقنيات الأحدث، وكأنها حلول سحرية، دون تمحيص. هذا على حين يواجه التعليم عن بعد، والتعليم متعدد القنوات بوجه خاص، مشكلات عديدة، تزداد حدة في البلدان النامية. والخشية أن تؤدى حالة الانبهار هذه إلى إحباط ضخم، في ميدان التعليم. إذ ليس التعليم عن بعد حلا سحريا، بل أحد عناصر منظومة تعليم متكاملة، وهكذا يجب أن ينظر، وأن نقدم عليه باعتباره تحديا كبيرا، إن أردنا النجاح في هذا الميدان الحديث نسبيا.

فعلى حين يقدم بعض الباحثين، في الغرب، قرائن على أن بعض برامج التعليم عن بعد يمكن أن تنتج نوعية أعلى من التعليم، خاصة العالي، بسبب ضرورة تحمل المتعلم للمسؤولية، والاشتراك الأكثر فعالية للمتعلمين في العملية التعليمية، وغياب الحواجز النفسانية للتعبير في المجموع، وغيره من المبررات، لا يوجد دليل علمي قاطع على أفضلية التعليم عن بعد على التعليم التقليدي في منظور النوعية.

وعلى العكس، يتوافر دليل قوى على أن برامج التعليم عن بعد تعانى معدلات انقطاع أعلى من التعليم التقليدي. وهذا أمر متوقع في ضوء ظروف غالبية الملتحقين بالتعليم عن بعد، والتي أدت لحرمانهم من التعليم التقليدي بداية.

والواقع أن التعليم عن بعد يمكن أن يقع في نفس مشاكل التحصيل في التعليم التقليدي، خاصة ثلاثية "التلقين-الاستظهار-الإرجاع" اللعينة. بل يمكن أن يعانى منها أكثر من التعليم التقليدي بسبب توسط المعدات الجامدة بين المعلم والمتعلم. ولذلك يجب أن تكوّن مقاومة التسرب وضمان النوعية الراقية محاور أساسية في التخطيط للتعليم عن بعد.

والمعروف أن آثار التعليم عن بعد أكثر تشتتا من التعليم التقليدي، ومن ثم أصعب في التقييم. وتزداد هذه الصعوبة فى البلدان التى تضعف فيها فكرة التقييم، وتقل مصداقية جهود التقييم.

وتطوير المواد التعليمية، المشوقة والفعالة، في التعليم عن بعد أمر صعب ومركب- يجب أن يتم من خلال فرق متكاملة تضم تربويين وخبراء، فى الموضوعات وفى التقنيات ووسائط الاتصال المستخدمة، وفنانين وغيرهم. ويجب أن يقوم إنتاج المواد التعليمية على تبنى نموذج "البحث-التطوير-التقييم-المراجعة" باستمرار.

وهو أيضا مكلف. في الولايات المتحدة، على سبيل المثال، يقدر أن تكلفة إنتاج الدقيقة الواحدة من برامج التلفزيون التعليمية الجيدة تبلغ حول ثلاثة آلاف دولار. ولذلك كثير ما يتم التأكيد على أن الاستفادة من التعليم عن بعد يجب أن تكون من الاتساع والعمق بحيث تتحقق معادلة معقولة بين التكلفة والعائد.

وتمثل ندرة المواد التعليمية الصالحة للتعليم عن بعد باللغة العربية مشكلة خاصة يتعين العمل على تلافيها تمهيدا للدخول القوى فى هذا المضمار.

المنظومة البشرية: تشترك فئات متنوعة، و"جديدة"، من البشر في التعليم عن بعد، وتزداد- عددا وتنوعا- في التعليم متعدد القنوات. فبدلا من مجرد "ثنائي" المدرس والطالب يقوم التعليم عن بعد- في الحد الأدنى- على "ثالوث": معلم عن بعد- أو معلم في "الأستوديو"؛ متعلم عن بعد؛ ميسر الموقع (الذي يتعامل فيه المتعلم عن بعد) بجوانب العملية التعليمية عن بعد، خاصة من خلال وسائل الاتصال المتقدمة غير المتاحة للمتعلم الفرد.

ويتعين أن تتفاعل الأطراف الثلاثة كفريق كفء مع تغير دور المعلم والمتعلم عن المتعارف عليه في التعليم التقليدي. فالمعلم عن بعد- الكفء- ليس ملقنا لكم معين من المعلومات، ولكن ميسرا للتعلم من خلال الاكتشاف، وعبر التواصل مطرد الترقي.

لكن هناك- غير هؤلاء الثلاثة- آخرين كثر تضمهم فرق تصميم وإنتاج المادة التعليمية، كما أشرنا، والفنيين والإداريين في مواقع التعليم عن بعد وفى الإدارة التعليمية على مستوياتها المختلفة، ومقدمو خدمات الاتصال المختلفة، وغيرهم.

وهناك خطر أن يقع التعليم عن بعد في أيدي "التقانيين"- نتيجة لقلة معرفة التربويين بالتقنيات الحديثة، أو افتتانهم الشديد بها.

وينطوي ذلك على الوقوع في التركيز الزائد على التقنيات والمعدات، عوضا عن الهدف الأصيل وهو الاحتياجات التعليمية للمتعلمين عن بعد. إن التعرف على هذه الاحتياجات، وأفضل السبل للوفاء بها، يجب أن يسبق حتى اختيار التقنيات وتحديد التوظيف الأفضل لها لتحقيق الغاية التعليمية.

ويستلزم درأ ذلك الخطر، على وجه الخصوص، أن يعاد توجيه برامج تكوين التربويين، الجامعية وأثناء الخدمة، لتتضمن مكونا قويا في التعليم عن بعد، نظريا وعمليا.

البنية الأساسية والمعدات والبرمجيات: واضح أن تكلفة التعليم عن بعد، خاصة التفاعلي منه، مرتفعة لدرجة يمكن أن تكون مانعة للانتشار، ولو المحدود. إذ حتى في الولايات المتحدة الأمريكية تحول القيود المالية أحيانا دون توافر المعدات والبرمجيات ومداخل شبكات الاتصال اللازمة لهذا النوع من التعليم عن بعد.

 ويزيد من التكلفة على المدى الطويل، التقادم السريع لكثرة المعدات والبرمجيات المستعملة في التعليم عن بعد-التفاعلي.

وخلاف التكلفة، هناك شروط عديدة للاستخدام الفعال للمعدات الحديثة من أهمها التدريب الفعال والصيانة المستمرة. ويترتب على قلة توافر هذه الشروط تضاؤل استخدام المعدات الحديثة إلى جانب طفيف من إمكانياتها. وقد يصل الأمر لبوار المعدات، وقلة الاستفادة من البرمجيات، تحت ظروف البيروقراطية والإهمال المتفشيين في الإدارة الحكومية في البلدان العربية.

وعلى السياق التنظيمي والإداري يتوقف العائد على نظم التعليم عن بعد والتعليم متعدد القنوات. إذ أن التعليم عن بعد نسق أعقد من التعليم التقليدي، ومن ثم يحتاج لأنظمة أكفأ وإدارة أرقى.

 وتزداد المشكلات التنظيمية والإدارية تعقيدا في إدارة التعليم متعدد القنوات. والمعروف أن الإدارة المدرسية التقليدية تميل للمركزية والجمود، بينما يكمن نجاح التعليم عن بعد في اللامركزية والمرونة اللازمين لتكامل عديد من المكونات المتباينة في نسق متكامل يسعى لبلوغ غاية مشتركة.

وعند تبنى التعليم عن بعد يصبح مطلوبا بوجه خاص مرونة القيادات التعليمية- وهى في العادة أكثر جمودا وتمسكا بالسلطة، واغترابا عن التعليم عن بعد ومحتواه التقانى، من الأجيال الأصغر في المؤسسة التعليمية. ويستلزم ذلك الاهتمام بالتوعية المكثفة بمضمون التعليم عن بعد، والتدريب على إدارة مكوناته العديدة، والتنسيق بينها، خاصة في مستويات الإدارة التعليمية المختلفة قبل بدء البرامج.

وتتضمن الأمور التي تحتاج عناية خاصة في مضمار التنظيم والإدارة، ومتطلبات مختلفة عن التعليم التقليدي، مسائل "الاعتراف" بالمؤسسات العاملة في ميدان التعليم عن بعد، وتقييم المتعلمين، وتقييم المعلمين، والترخيص للمعلمين وتجديده، وتدريبهم.

ويمثل السياق الاجتماعي للتعليم عن بعد محددا جوهريا لمدى نجاحه. وهنا تثور عدة مشكلات تطلب اعترافا من ناحية، ومواجهة جادة من ناحية أخرى.

بداية يعانى التعليم عن بعد من انخفاض المكانة الاجتماعية، حيث يُعد تعليما "من الدرجة الثانية"، يرتاده فقط من لم يقدر، أكاديميا أو ماليا، على "امتلاك" أشكال التعليم التقليدي. وينبغي التخطيط لمحاربة هذه السمعة السيئة. 

وجلي أن السلاح الأمضى في هذه الحرب هو ضمان النوعية المتميزة في برامج التعليم عن بعد، خاصة تلك البديلة للتعليم التقليدي. والسبيل الأساسي لذلك هو تطبيق نظم الاعتراف الأكاديمي ببرامج التعليم عن بعد بصرامة. وتبين الخبرة العملية أن أحد أهم سبل احترام التعليم عن بعد هو اعتراف مؤسسات التعليم التقليدي المتميزة بخريجى برامجه بين طلبتها.

والخلاصة أن الاستغلال الناجع للتعليم عن بعد، والتعليم متعدد القنوات- خاصة باستعمال تقنيات التفاعل الإلكترونية- يقتضى ثورة حقيقية في التعليم ككل. فكل المكونات التي سبق الإشارة إليها يتعين أن يتكامل في منظومة متناغمة داخليا، وتلتئم- في تناغم أيضا- مع نسق التعليم التقليدي القائم، الأمر الذي يوجب ضرورة التجريب واكتساب الخبرة التراكمية من خلال التقييم الرصين والتطوير المستمر.



ويتضح من الأقسام السابقة أن الجهود، القديمة والمتعددة، وكذلك الطفرة الأحدث، في استعمال التعليم عن بعد في مصر، ليست موثقة بالدرجة المطلوبة للدراسة المتأنية أو لتقييم مدى الفعالية، أو تقدير العائد على التكلفة، وهى ضخمة أحيانا. غير أن التقييم الرصين لاستعمال التعليم عن بعد يتطلب ما يتعدى التوثيق الوافي إلى عمليات بحثية مضبوطة.

وهناك مؤشرات، انطباعية في الأساس، على قلة فعالية استخدام التقنيات ووسائل الاتصال الحديثة، وقصور العائد بالمقارنة بالتكلفة. وليس هذا بالأمر المستغرب في ضوء التحليل العام للمشكلات التي تواجه الاستغلال الناجع للتعليم عن بعد في البلدان النامية، والتي أشرنا إليها في القسم الأول من الورقة.

والمؤكد أن ضمان التوثيق الوافي، وإعمال التقييم الرصين، يعظمان من فرصة الاستغلال الأمثل للتعليم عن بعد في دعم التعليم الأساسي، من خلال التصحيح والتقويم المستمرين، وهما متطلبان جوهريان لزيادة كفاءة أي نشاط إنساني مركب.





المصدر: موقع تكنولوجيا التعليم